في عالمنا اليوم تُعد التكنولوجيا أهم مظاهر التقدم العلمى في حياتنا المعاصرة. وقد تغلغلت في كافة جوانب حياتنا، وقد أصبح لها وجود لا غنى عنه في كل من بيوتنا وأعمالنا. بل وتُعد بمثابة قريننا الذى لا يمكننا الإفتراق عنه أو الشعور بالملل في وجوده.
جدول محتوى المقالة
ولا نذيع سراً أن تعريف التكنولوجيا والقفزات التكنولوجية العملاقة الذي لا يكاد يمر يوم دون أن نسمع عنها أو نراها، ليست وليدة الصدفة. بل أنها تجسيد لنهم البشرية وراء المزيد من التكنولوجيا التي تسهل حياتنا. ويدفع الإنسانية للمزيد من التطوير حتى أننا نتساءل ما هي خطوات التقدم التكنولوجى القادمة.
أن كافة الخدمات والقدرات التي نستمتع بها وجعلت حياتنا سهلة وميسورة. إنما هي بمثابة ثمرة من ثمار التقدم التكنولوجي الحاصل في عصرنا الحديث.
فقد أصبحت التكنولوجيا عصب حياتنا ومن دونها ستصاب أعمالنا بالشلل التام وتصبح حياتنا عسيرة جداً. فهى بحق تُعد من النعم الكبرى التي تفضل الله عز وجل بها على البشرية.
لذلك ينبغي المحافظة عليها وتنميتها وتطويرها واستخدامها في مجالات الخير والنفع والتقدم للبشرية.
بزوغ شمس التكنولوجيا تاريخياً:
وتاريخياً بدأت البشرية بدخول عصر التكنولوجيا مع بزوغ شمس القرن السابع عشر. وذلك في عصر الإختراعات الكبرى في أثناء الثورة الصناعية الأوروبية التي غيرت وجه العالم. والتي شهدت لاحقاً قفزات تكنولوجية عملاقة غيرت نمط حياتنا إلى الأبد مثل (السيارات، التلفزيون، الراديو، الطائرات، السينما، وغيرها).
أنواع التكنولوجيا:
لقد استحوذت التكنولوجيا على كافة الجوانب العملية والحياتية والشخصية لإنسان العصر الحديث. فبمجرد دخول التكنولوجيا لأى مضمار أو مجال تحدث فيه تطوراً تقنياً في كافة مجالاته ومن أبرز مجالات أنواع التكنولوجيا هي:-
أ- تعريف التكنولوجيا فى مجال الطب:
قد منحت التكنولوجيا للطب تطوراً كبيراً في تشخيص الأمراض عن طريق الأشعة مثل (الفوق صوتية، السينية لفحص الأجنة في الرحم، والرنين المغناطيسى) والتحاليل المتنوعة والتي ساعدت الأطباء على التشخيص الصحيح للأمراض.
وتعدى ذلك إلى إكتشاف سلالات جديدة من البكتريا والفيروسات والأوبئة لم تسمع عنها البشرية من قبل. وساهمت في اتخاذ الإجراءات الوقائية الفعالة مثل تقديم الأمصال واللقاحات والتي أنقذت الملايين من الأرواح.
وكذلك القيام بمنتهى السهولة بإجراء العمليات الجراحية المعقد والصعبة والخطيرة دون أن يُشكل ذلك خطراً على المريض أو يستدعى ذلك مجهوداً مضاعفاً من الطبيب الجراح وبالتالي ساهمت بشكل فعال في الحد من حدوث الأخطاء الطبية البشرية.
وكذلك في مجال تصنيع الأدوية كان لها أثرها الكبير في ابتكار أنواع كثيرة من الأدوية والمستحضرات الطبية التي ساهمت في علاج الكثير من الأمراض التي لم يكن لها علاج.
ب- تعريف التكنولوجيا في المجالات الحيوية:
وهي التكنولوجيا التي تستخدم في تطوير الأنظمة البيولوجية للكائنات الحية ومن أمثلة تلك التكنولوجيا استعمال الخميرة في إنتاج الخبز بالإضافة إلى إجراء تعديلات على المادة الوراثية للحمض النووي (DNA).
وتلك النوعية من التكنولوجيا تعد بمثابة حجر الزاوية لأغلب العلوم المخبرية ومنها الهندسة الوراثية الجينية والكيمياء الحيوية.
وقد ساهمت تلك التكنولوجيا في استنباط حلول جذرية لمشكلات أرقت البشرية طويلاً في مجالات الأغذية والزراعة والمواد الكيميائية
ت- تعريف التكنولوجيا في المجال التعليمي:
قدمت التكنولوجيا للمجال التعليمي قدرات لم يحلم بها أكثر المتفائلين فقد أتاحت مجالاً حديثاً هو التعليم عن بعد والدراسة الإفتراضية والذي لجأت إليه دول العالم في أثناء اجتياح وباء كورونا في ظل إجراءات الإغلاق.
وأيضاً بواسطتها استطاع الكثير من الطلاب والدارسين مواصلة دراستهم في أي مكان بالعالم دون أن يغادروا بيوتهم أو يعطلوا أعمالهم.
وقد ساهمت تلك التكنولوجيا في تحسين جودة التعليم وأدخلت أدوات مساعدة مثل الحاسب الآلي والأنترنت.
ث- التكنولوجيا في مجال النقل البرى والبحرى والجوى:
أدخلت التكنولوجيا في مجال النقل والمواصلات وهي تعني الابتكارات والمهارات المستحدثة في مجال النقل بأنواعه البرى والبحرى والجوى سواء لنقل الأشخاص أو البضائع. والهدف من تلك الابتكارات التكنولوجية هو تحقيق غاية النقل في أقصر وقت ممكن وبأقل تكلفة وعن طريق أكثر الطرق أماناً وسهولة بل وتوفير أعلى معدلات الرفاهية في وسائل النقل الحديثة.
ومن أجل تحقيق تلك الأهداف حدثت ثورة حقيقية كبرى في وسائل النقل ومن أمثلة ذلك (القطار الفائق السرعة، السيارات الكهربائية، الطائرات النفاثة، السفن العملاقة).
ج- التكنولوجيا في مجال الأعمال:
ونعنى بها هنا الأدوات التقنية والمفاهيم الحديثة ومنها مفاهيم الحوكمة والهياكل التنظيمية للمؤسسات والشركات. وذلك بالتنسيق والتكامل بين عمل الإدارات والأقسام في تناغم وتكامل لتحقيق أقصى معدلات الجودة وبأقل وقت وتكلفة.
كما تقوم بتحسين بيئة العمل وتطوير الإجراءات وتعزيز القدرة على المنافسة ورفع مستويات التشغيل وتحسين إجراءات التواصل مع العملاء. وزيادة قدرة الإدارة على اتخاذ القرارات الصحيحة والمناسبة بما يساهم في تحسين الإنتاج مما يساهم في نمو وزيادة الأرباح
(راجع مقالة الحوكمة).
ح- التكنولوجيا في مجال المعلومات والاتصالات:
وهى تحتوى على كافة الأدوات والتقنيات اللازمة لبناء شبكة إتصالات تكون قادرة على توفير أقصى معدلات الأمان والحماية للبيانات والمعلومات. وذلك عن طريق إنشاء قواعد بيانات خاصة تكون منيعة من محاولات القرصنة والاختراق لكل مجال على حده.
وتتمتع أيضاً بالسهولة والمرونة اللازمتين لأداء المهام المناطة بها مثل قاعدة بيانات مصلحة الأحوال المدنية، الهواتف، شبكة الكهرباء، شبكات المياه والصرف الصحى.
وكذلك في مجال الاتصالات أحدثت دوى هائل في وسائل التواصل الإجتماعى ومؤتمرات الفيديو كونفرانس، البرمجيات. والتي تسمح بمعالجة تلك البيانات رقمياً لتوفير معلومات عالية الدقة يتم إستخدامها في شتى المجالات.
فإن أنواع التكنولوجيا المتعددة السابقة لا يقتصر معناها او مداها على الأدوات وأجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية فقط بل يتعدى ذلك بصورة أشمل هي كافة ما أحدثته في حياتنا وأعمالنا من طفرات وتقدم وإبتكار في كافة النواحي العلمية والحيوية والتعليمية والعملية وفي مجالات متعددة أخرى مثل الاتصالات ومعالجة البيانات والمعلومات ووسائل النقل الحديثة.
مما جعل من حياتنا الحالية حلماً بالنسبة للأجيال التي سبقتنا وساهمت التكنولوجيا أيضاً في رفع مهاراتنا وزيادة فرص العمل
فوائد التكنولوجيا:
- وفرت التكنولوجيا سهولة الوصول إلى أي معلومة أو خبر على مستوى العالم.
- وفرت وسائل ترفيه بشكل مذهل وباستطاعة أي شخص في العالم الوصول إلى أي مسلسل أو فيديو أو كتاب أو موسيقى في أي وقت.
- خفضت التكنولوجيا من تكاليف إكتساب المهارات وأيضاً خفضت تكلفة العلم والتعليم. ووفرت فرصاً كانت تعد سابقاً في حكم الاستحالة للتعليم الرقمي عن بعد.
- سهولة السفر والتنقل وتنشيط السياحة الداخلية والخارجية.
- أسهمت بمقدار وافر من تحسين الخدمات البنكية والمصرفية والمالية مثل (المرتبات، تحويل واستلام الاموال، سحب الأموال وإيداعها) عن طريق التطبيقات الإلكترونية الحديثة.
- أحدثت التكنولوجيا نقلة عملاقة في التواصل الإنساني بين جميع دول العالم مما أسهم في زيادة التفاعل والمشاركة وسرعة نقل الأخبار عالمياً في اللحظة ذاتها.
ولكن وبعد كل تلك الفوائد والمميزات التي حققتها التكنولوجيا في حياتنا إلا أنها أيضاً لها بعض الجوانب السلبية ومنها:
أضرار التكنولوجيا:
- الإفراط في استخدام الوسائل التكنولوجية أسهمت في قلة حركة البشر بصفة عامة وندرة ممارستهم للرياضة بصفة خاصة وإصابتهم بالكسل المزمن. مما سهل من أصابتهم بأمراض عديدة منها ضعف النظر والسمع وأمراض السمنة والعديد من أنواع السرطانات وكذلك أمراض نفسية مثل الإكتئاب والقلق.
- ظهرت على الناس وخاصة فئة الشباب الميل للعزلة الاجتماعية وعدم الرغبة في التواصل الاجتماعى والأسرى الحقيقى والواقعى وذلك نتيجة إدمان وسائل التواصل الإجتماعى البديلة الوهمية.
- سهلت وقوع العديد من الجرائم حيث يستغلها البعض من المجرمين والأشرار لخداع بعض من حسني النية و ناقصي الخبرة في التغرير بهم والنصب عليهم بل وحتى إبتزازهم وتدمير حياتهم وسمعتهم وأيضاً الإستيلاء على أموالهم وحساباتهم البنكية عن طريق القرصنة (راجع مقالة البنوك التجارية).
- إهدار أثمن ما يملكه الإنسان وهو وقته فيما لا يفيد مثل الألعاب الخرافية والمسابقات الخيالية ووسائل التواصل الإجتماعى.
- أسهمت التكنولوجيا سلبياً في إخماد جذوة المهارات والإبداع والتفكير لدى جميع فئات المجتمع.
الخلاصة:
من كل ما سبق أن التكنولوجيا وتطبيقاتها التي لا تحصى التي نستمتع بها وجعلت حياتنا سهلة وميسورة إنما هي بمثابة ثمرة من ثمار التقدم التكنولوجي الحاصل في عصرنا الحديث.
فقد أصبحت التكنولوجيا عصب حياتنا ومن دونها ستصاب أعمالنا بالشلل التام وتصبح حياتنا عسيرة جداً فهى بحق تعد من النعم الكبرى التي تفضل الله عز وجل بها على البشرية.
والتكنولوجيا تعد سلاحاً ذو حدين أحدهما هو فوائدها العديدة والهامة والحد الآخر هو أضرارها وسلبياتها ومساوئها.
وختاماً:
عزيزى القارئ حاولنا في تلك المقالة تعريف التكنولوجيا وإلقاء الضوء على كافة جوانب التكنولوجيا. وذلك في محاولة منا لتعزيز استفادتنا من فوائدها وذلك بالاستخدام الرشيد وبصورة صحيحة. والحد من أضرارها وسلبياتها عن طريق الحد من استخدامها في ما لا ينفع وكذلك تفادي إدمانها. وهو ما يسبب الكثير من المشكلات الصحية والنفسية ويعود سلباً على حياتنا الإجتماعية.
ولذلك:
توصيتي والثمرة المرجوة هي أنه يجب إستخدام التكنولوجيا في مجالات الخير والنفع والتقدم للبشرية. وعدم الإسراف في الانكباب عليها وجعلها بديلاً عن التواصل البشرى والأسرى. وألا تكون عائقاً لاستعمال ما ميزنا الله سبحانه وتعالى عن جميع مخلوقاته وهو العقل والتفكير والإبداع والتطور.