الركود والكساد والتضخم الكلمات التي تؤلم كل ساكني هذا الكوكب عند سماعها وبداية القصه تتلخص في التباطؤ الشديد الذى أصاب معدلات النمو الإقتصادى العالمى نتيجة التوقف المفاجئ للأنشطة الاقتصادية. وذلك نتيجة وباء كورونا وما واكبه من إجرائه مشددة للإغلاق خوفاً من تداعيات تفشي ذلك الوباء. الذي أدى إلى كبح جماح القاعدة الصناعية والإنتاجية لكافة دول العالم. والذي كان من تداعياته حظر السفر وإلغاء التجمعات المتنوعة و هبوط للبورصات العالمية. فما احدث مذبحة للأوراق المالية (الأسهم والسندات) التي انهارت قيمتها. والتي تعد احد اهم أسباب الازمات الاقتصادية حيث أصيب إقتصاد معظم دول العالم بما يصطلح على تسميته ركود ومعناه تقلص الإنتاج الاقتصادي لربعين ماليين.
جدول محتوى المقالة
الركود والكساد والتضخم يجب أن نوضح أولا:
ما هو الفرق بين الأزمة الإقتصادية و الركود الإقتصادى؟
الأزمة الاقتصادية: هى بمثابة حالة يصاب فيها الإقتصاد الوطنى بحالة تراجع مفاجئة في نشاطه وقوته نتيجة أزمة مالية حادة وطارئة وتكون الأزمة المالية مصحوبة بـ ركود أو كساد إقتصادى.
بمعنى آخر
الركود الاقتصادي: هو أحد أبناء ونتائج الأزمة الاقتصادية.
ويضع صندوق النقد الدولي لقياس نطاق الركود الاقتصادي العالمي في مؤشرات عدة هي:
- انخفاض متوسط نصيب المواطن من الناتج المحلي الإجمالي.
- ضعف الإنتاج الصناعي.
- ضعف حركة التبادل التجارى.
- فقد الاقتصاد للجاذبية للاستثمارات ورؤوس الأموال المحلية والأجنبية.
- زيادة معدلات البطالة.
- تقلص نشاط قطاع النفط.
اقرأ مقالة:
ماهو الناتج المحلي الاجمالي
ثانياً:
ما هو الفرق بين الركود الاقتصادي والكساد الاقتصادى؟
الكساد الاقتصادي هو بإختصار استمرار الركود الحاد في أحد الاقتصاديات ولمدة طويلة يستمر لعدة سنوات تفشل خلاله الحكومات في إعتماد خطة مالية نقدية ناجحة لعلاجه.
أسباب الركود الإقتصادى؟
يحدث الركود الإقتصادى بسبب أزمة مالية تصيب أحد القطاعات الكبرى في الاقتصاد مثل قطاع الإسكان أو البترول. والتي تؤدى هذه الأزمات إلى خفض وفقدان عدد الوظائف المتاحة للأفراد وتوقف الصناعات الرئيسية وإلى خسائر كبيرة في تلك القطاعات. مما ينتج عنه فقدان الناس لوظائفهم.
والإقتصاد ما هو إلا مجموعة من العناصر التي تندمج معاً في بوتقة واحدة متشابكة ومترابطة إذا تأثر فيها أحد تلك العناصر مثل كم ونوع الوظائف المتاحة وسوق الإسكان والمقاولات وسوق التصنيع فأن العناصر الأخرى تتأثر سلبياً.
مؤشرات الركود الإقتصادى؟
بعض المؤشرات ترفع علماً أحمراً قبل حدوث الركود الفعلى وهى:
- مثل إنخفاض مبيعات التجزئة أو الجملة وتسريح العمال والموظفين وإرتفاع معدلات البطالة ويطلق على هذه المؤشرات (المؤشرات المتأخرة).
- وأهم تلك المؤشرات هو مؤشر الناتج المحلي الذى إذا ما تباطأ لأقل من 2% لربعين ماليين متتاليين فمعنى ذلك هو حدوث الركود الفعلى.
- التضخم أيضاً من المؤشرات الرئيسية وهو بمثابة ترمومتر لقياس صحة الاقتصاد وفى حالة ارتفاع معدلاته يُمكن أن يسبب شلل كامل للاقتصاد ويتحول الاقتصاد الوطنى من حالة الركود إلى حالة أكثر خطورة وهى حالة الانكماش والكساد.
- قطاع التصنيع حيث يمثل الناتج المحلى كل ما يتم تصنيعه في الدولة. وبالتالي يكون قطاع التصنيع هو المقياس الحقيقى للناتج المحلى الإجمالى لأن انخفاض معدلات قطاع التصنيع يسبب تدهوراً حاداً مماثلاً للناتج المحلى الإجمالى.
- إنخفاض أسعار الأسهم وهو على العكس يمثل فرصة للإستثمار في البورصة.
ولذلك رأيت ومن باب الأمانة العلمية أن أبدأ مقالي هذا بشرح مبسط للركود الاقتصادي وهو ما يعني تقلص وانكماش الاقتصاد والناتج المحلى بالمقارنة بإرتفاع نسبة الدين العام.
استمرار الركود!
الجدير بالذكر هنا أن الركود يُقاس في أي دولة أساساً من خلال الناتج المحلى الإجمالى وهو ما يعني تقلص وانكماش اقتصادي لربعين ماليين متتاليين.
ويضع الركود وتبعاته ضغوطاً كبيرة على الحكومة مثل زيادة سعر الفائدة وتكلفة الاقتراض وخدمة الدين العام بالإضافة إلى ارتفاع المدفوعات الحكومية للفوائد على ديون وسندات وصكوك الخزانة العامة.
وهكذا تتعطل المشروعات القومية وخاصة مشروعات الخدمات والإنتاج والبنية التحتية. كما ايضا تحتاج الدولة ذات الاقتصاد الراكد إلى سياسة مالية نقدية رشيدة وعلى أعلى درجة من الكفاءة والبراعة والتوازن بين دفع معدلات النمو من ناحية وضبط عجز ميزانيتها للإسراع بالخروج من النفق المظلم للإقتصاد الراكد.
وينتج عن الركود تخفيض التصنيف الائتماني للبلد مما يصعب حصوله على القروض من الأسواق أو من الدول الغنية او حتى من المؤسسات الدولية مثل صندوق النقد والبنك الدوليين وهو ما يلقي بظلال سلبية على الاستثمار الذي يحتاجه الاقتصاد الراكد لاستعادة نشاطه من جديد.
ومن البديهى أن الإستثمار في مرحلة الركود الاقتصادي قد يكون مرعباً ومثار خوف وقلق عميقين من المستثمر إلا بالإعتماد على الطرق الأكثر فعالية لإدارة الاستثمارات ومن الوسائل المقاومة للركود بعض أنواع الأسهم والصناديق والخطط الإستراتيجية يمكن من خلالها مقاومة الانكماش الاقتصادي.
والذي يكون مصاحباً لارتفاع معدلات التضخم الذى يعانى منه معظم شعوب الأرض وسكان المعمورة وهو بمثابة الثقب الأسود الذى يمتص معدلات النمو الإقتصادى ويمثل تحدياً لجهود الحكومات والبنوك المركزية لأنه يجلب على أفراد المجتمع عدة صعوبات منها زيادة تكلفة المعيشة وتآكل القيمة الشرائية للأجور والرواتب.
مما يدفع بالأفراد والأسر ذات الدخل المتوسط والمحدود تعيش تحدياً حقيقياً من أجل تلبية احتياجاتها الأساسية اليومية وحتى لو زادت المرتبات.
نتائج الركود
من نتائج هذا الوضع الصعب أن يقل الإنفاق الاستهلاكي على الخدمات والسلع كما ترتفع تكلفة الإقتراض من البنوك والتي تلجأ إليه الأسر مضطرة للأنفاق على تلبية احتياجاته الضرورية في ظل تآكل قيمة الرواتب وتدهور قيمة الدخول
كما تطل برأسها أعراض أخرى تكون مصاحبة للركود والتضخم مثل ارتفاع معدلات البطالة وعدم توافر فرص عمل بالقدر الذى يستوعب أعداد العاطلين المتزايد مما يزيد من الضغوط على قدرة الأسر
والتي ضعفت أصلاً ويضع على عاتقها أعباء مضاعفة الإنفاق للحصول على ضرورات المعيشة. وتلك الحالة تضطر معها تلك الأسر للإستدانة بأى شروط وبأي تكلفة حتى تتمكن من الإستمرار على قيد الحياة. بعد أن تكون قد استغنت بشكل حرج عن كل المتطلبات الغير ضرورية.
وتلك الحالة تحدث زلزالاً إجتماعياً مدمراً من حيث ارتفاع معدلات الطلاق وضعف الإقبال على الزواج. كما ترتفع معها معدلات الجريمة وتتدهور ثقة الناس في المستقبل وتسود نظرة متشائمة.
وتسود نزعة الإدخار والذى يكون ضاراً بتلك المدخرات في ظل معدلات التضخم المرتفعة. لأن التضخم يعمل على تآكل قيمة تلك المدخرات على المدى البعيد.
ما هو الفرق بين التضخم والكساد؟
تعريف الكساد: هو ما أسلفنا شرحه باستفاضة ومنعاً للتكرار الممل سنعرج مباشرة على
تعريف التضخم: فهو يعنى القفزات المتتالية في أسعار السلع خلال مدة زمنية معينة وقصيرة وفقدان العملة المحلية لقوتها الشرائية وتراجع قيمتها مقابل العملات الأجنبية بمعنى آخر أفراد المجتمع سيقومون بشراء منتجات أقل بنفس قيمة منتجات أكثر.
أسباب التضخم
الطلب المتزايد
يزداد الطلب على السلع بمعدل أكبر من قدرة الاقتصاد على تلبيتها.
زيادة المعروض من النقد
ويحدث ذلك نتيجة زيادة كبيرة في إجمالي النقد المتداولة والمعروضة من العملة المحلية. لأن القاعدة الاقتصادية تشير في تلك الحالة أنه لو حدثت زيادة في النقود المتداولة والمعروضة بمعدلات أكبر وأسرع من معدلات القاعدة الصناعية والإنتاجية فيؤدى ذلك لحدوث التضخم بشكل حاد.
ما هو الركود التضخمى؟
وهو التضخم المصاحب لحالات الركود خلال فترات الانكماش وتباطؤ معدلات النمو الإقتصادى.
أسباب الركود التضخمى
- صدمات أسعار النفط: حيث تُسبب القفزة المفاجئة في تكلفة النفط مما يؤدي إلى تقليص القدرة الإنتاجية للاقتصاد
- سوء السياسات الاقتصادية: وهي تلك القرارات والخطط الاقتصادية التي تضعها الحكومات وتقوم بتنفيذها البنوك المركزية.
علاج الركود التضخمى
لا يوجد اجماع بين الاقتصاديين حول حل نهائي موحد لهذه الحالة ولكن تتوحد الاراء في زيادة القدرة الإنتاجية. وهي الأساس لأنها ستؤدى لتحقيق معدلات نمو متزايدة دون زيادة معدلات التضخم. ومن ثم تشديد الضوابط على السياسات النقدية مما يؤدى لكبح جماح التضخم في حالة الركود التضخمى.
ويعنى ذلك قيام البنوك المركزية في ظل حالة الركود التضخمى إلى التركيز على الركود أولاً. إنتهاءاً بمعالجة التضخم أو العكس.
وهنا تحضرني مقولة الوقاية خير من العلاج لأن واضعي سياسة الدولة النقدية يجب أن يبادروا ويستبقوا بالحلول الجذرية العلمية عند تحقق مؤشرات دخول الاقتصاد لنفق الركود التضخمى قبل حدوثه بالفعل.
من هم الفئة الاقل ضرراً في حالة التضخم؟
مقولة تبرهن عليها الحياة الاقتصادية التى تعيشها الدول النامية. وهي أن التضخم يزيد الغنى غنى والفقير فقراً في واقعنا هذا وتثبتها معدلات الفقر المتزايدة والتي تضرب في كل يوم شرائح مجتمعية جديدة. ظنت أنها بمنأى عن التأثر بمعدلات التضخم.
وما كاد يطل التضخم بوجهه القبيح ومع زيادة معدلاته الغير مبررة وما تبعه من رفقاء السوء المصاحبين له من غلاء الأسعار و تعويم العملات الوطنية وعدم الاستقرار في الأسـواق وتناقص القوة الشرائية للأفـراد وتسريح العمال وارتفاع تكلفة المعيشة وعدم قدرة الناس على الحصول على الاحتياجات الضرورية وليست الكماليات.
وفى الوقت ذاته صب التضخم في صالح أصحاب العقارات والأراضى ومالكى الأصول بصفة عامة. لأنه يعنى بالنسبة لهم ارتفاع قيمة ممتلكاتهم
مما يعنى تعاظم ثرواتهم وزيادة الفجوة بين الأغنياء والفقراء
وخاصة بعد تآكل الطبقة المتوسطة وإنسحاقها تحت عجلات الفقر ودخولها ضمن الطبقات الأدنى والمحدودة الدخل وتحت طائلة كل ذلك
أصبحت تحت خط الفقر.
في الواقع يتأثر واقع الناس ومعيشتهم اليومية بالحالة الاقتصادية.
وذلك لأن الدول التي تحقق النمو الإقتصادى يؤدى إلى ارتفاع مستويات الدخول الشخصية للأفراد. وإتاحة وظائف وفرص عمل جديدة نتيجة اتساع المشروعـات الجديدة و الاستثمارية نتيجة المناخ الاقتصادي الجيد الجاذب والمشجع للاستثمارات المحلية والأجنبية
في حين أن الركود الإقتصادى له تبعات سلبية لأنه يكون مصحوباً بإجراءات مؤلمة مثل تسريح الموظفين وتعويم العملة وتدهور في مستويات المعيشة وغلاء الأسعار
ونظراً لما تحظى به الحالة الاقتصادية من تلك الأهمية فإنه لا تكاد تخلو النشرات الإخبارية اليومية من فقرة اقتصادية تتناول بشكل مقتضب المؤشرات الاقتصادية ولكن يعزف أكثر أفراد المجتمع عن متابعة تلك النشرات رغم أهميتها الفائقة وانعكاساتها الخطيرة على حياتهم وذلك يرجع لأن معظم المحللين
يستخدمون لغة ذات مصطلحات معقدة لا يفهمها معظم الناس وأيضاً لا تحظى تلك النشرات بالمصداقية والثقة من الناس بالإضافة لأن غالبية أفراد المجتمع يعتقدون أن متابعة الحالة الاقتصادية لا فائدة من ورائها لأنها لا تعكس واقع حياتهم الشخصية بصدق وموضوعية.
اقرأ مقالة:
تعويم العملة ولماذا تلجأ إليه الدول
ونحن هنا بدورنا نتساءل هل هذا الإعتقاد سليم وصحيح؟
الحقيقة أن موجات الركود والكساد والتضخم المستمرة وحتى مع حرص الدول النامية على تشديد السياسات النقدية. للحد من الارتفاعات القياسية في مستويات التضخم ولكن يبقى شعور عدم التيقن مسيطراً بشكل ملحوظ على مدى نجاح تلك الإجراءات العالمية. وهل تكبح جماح التضخم والذى أفلت من عقاله أم ستفشل.
وفى البداية بررت البنوك المركزية على مستوى العالم وهى المسئولة عن وضع السياسات النقدية للدول. أن موجة التضخم الحالية هي مؤقتة نتيجة وباء كورونا الذى ضرب العالم بأسره وما تبعه من سياسات الإغلاق.
ونتيجة لإنفلات التضخم من عقاله سارعت البنوك المركزية لإتخاذ إجراءات بغية السيطرة على معدلات التضخم عند مستويات طبيعية لتحقيق توازن الأسعار واستقرار الأسواق
ومن هذه الإجراءات تشديد قيود الإئتمان ووقف ضخ السيولة في الاقتصاد ورفع سعر الفائدة. مما يؤدى لارتفاع قيمة العملات الوطنية نتيجة قلة المعروض منها بمعنى أن تتحسن قوة تلك العملات الشرائية. بما يحقق الحد من غلاء الأسعار واستقرار الأسواق.
المُلخص
وفى النهاية يبقى سؤال الساعة المُلح إلى متى يستمر الركود الإقتصادى العالمى وينتهي كلا من الركود والكساد والتضخم؟
لقد ساد الأوساط الاقتصادية العالمية سيناريو متفائل وهو أن الركود سيزول تدريجياً بعد الربعين الماليين الأولين. ولكن هذا السيناريو يعوزه العمل الجاد السريع وهو تتسابق البنوك المركزية لعمله حالياً. وذلك للتخفيف من وطأته عن طريق التدخل المباشر في الأسواق وخفض أسعار الفائدة. وايضا شراء أصول المؤسسات ومعاونة البنوك على الاستمرار في التوسع في الإقراض للمنشآت.
وفي الختام، لقد إخترنا لك عزيزى القارئ هذا الموضع
الذي يمس حياة ومعيشة جميع أفراد المجتمع. وتتشعب آثاره ما بين اقتصادية واجتماعية تضرب بقسوة أساس المجتمع وتحدث به زلازل مدمرة.
فلذلك موضوع الركود والكساد والتضخم بصفة خاصة يجب أن يحرص الجميع متخصصين أو أفراد عاديين ان يكونوا على دراية معقولة به. لأخذ جانب الحيطة والحذر من تداعياته
سؤال حواري
إذا ما كنت من رجال الاقتصاد ومر الإقتصاد الوطنى بحالة من حالات التضخم فأى الطرق كنت تسلكها وأى خطة سوف تقررها من وجهة نظرك
للعبور باقتصاد بلادك إلى بر الأمان وبالحد الأدنى من الخسائر؟