تم تطبيق ضريبة القيمة المضافة أول مرة أثناء الحرب العالمية الأولى عام 1914 وكانت كلاً من ألمانيا وفرنسا سباقتين لتطبيق تلك الضريبة عالمياً. وفى بداية تطبيق الضريبة كانت موجهة للشركات والكيانات الكبرى ولكن جرى تمديدها على مر السنوات. لتُطبق على جميع القطاعات لمختلف الأعمال في فرنسا على وجه الخصوص.
أما على المستوى المحلى في مصر فتم تطبيقها للمرة الأولى عام 2016 بموجب القانون رقم 67 لعام 2016 وتحددت قيمتها بقيمة 14% وتعتبر ضريبة القيمة المضافة من أهم مصادر الإيرادات لتمويل موازنة الدولة. وتلك التمويلات تتيح للدولة تنفيذ مزيد من المشروعات وتحسين البيئة الجاذبة للإستثمارات وخاصة مشروعات البنية التحتية. حيث أن قيمتها تمثل ما يقارب أو يفوق 50% من إيرادات الدولة.
والآن يأتي الدور على بيان تعريفها:
ماهي ضريبة القيمة المضافة؟
هي ضريبة من أنواع الضرائب الغير مباشرة تُفرض بتزايد على معظم أنواع السلع والخدمات في كل مرحلة من مراحل الإنتاج والتوريد (التوزيع) المتعددة. وذلك بناء على الزيادة في قيمة تلك السلع والخدمات, مع بعض الاستثناءات يدفعها المنتج أو بائع الجملة أو الوكيل
ولكن يتم تمريرها لاحقاً للمستهلك النهائي أي رجل الشارع العادي وتكون قيمة الضريبة هنا جزء من قيمة السلعة أو الخدمة بمعنى أنه كلما أضيفت قيمة السلعة أو الخدمة وأعيد بيعها يتم فرض ضريبة القيمة المضافة عليها.
وهنا تكون قيمة الضريبة المضافة عبارة عن:
المواد المستخدمة في إنتاج السلعة أو الخدمة – سعر السلعة أو الخدمة على مدى مراحل تصنيعها المختلفة
الفكرة الرئيسية لفلسفة تلك الضريبة هي توسيع الأنشطة الإنتاجية والخدمية الخاضعة للضريبة في كل مرحلة من مراحلها الإنتاجية. وذلك بدلاً من فرض ضريبة واحدة عن إكتمال إنتاجها وبيعها وهو ما يطلق عليه في هذه الحالة الضريبة العامة على المبيعات. ونسبتها هي 10% من قيمة السلعة أو الخدمة.
وتؤثر الضرائب الغير مباشرة على الاقتصاد حيث تؤدي لإحداث معدل مرتفع للتضخم وغلاء الأسعار أما عن متطلبات تسجيلها وتحصيلها. فيجب على الدول التي تطبق تلك الضريبة أن تقوم بتسجيل الشركات على إختلاف أنواعها وطبيعتها والنشاطات التجارية ضريبياً
ووفقاً لذلك يلزم القانون تلك الشركات بإضافة قيمة تلك الضريبة على ما تقوم ببيعه من سلع وخدمات مقدمة للجمهور وتقوم الشركات التي لديها سجل في الضرائب بإحتسابها وتحصيلها بالنيابة عن مصلحة الضرائب
ولحساب ضريبة القيمة المضافة هناك عدة طرق تستخدم في حسابها أهمها وأشهرها المعادلة التالية:-
ضريبة القيمة المضافة = الضريبة على المخرجات – الضريبة على المدخلات
وتوجد كثير من الإنتقادات الموجهة لضريبة القيمة المضافة:-
- يقع عبئها على المستهلكين النهائيين وأغلبهم من الفقراء ومحدودي الدخل.
- يدفع الفقراء أكثر من الأغنياء وذلك كنسبة مئوية من دخولهم الضعيفة أساساً.
- هذه الضريبة بالذات سيئة السمعة لدى أغلب أفراد المجتمع حيث تؤدى لزيادة تآكل قيمة العملة الوطنية وبالتالي تآكل القوة الشرائية للرواتب والدخول.
ولا نذيع سراً إذا ما قلنا أن عملية الإدارة والتحصيل الخاصة بضريبة القيمة المضافة تواجه عقبات متعددة مثل:
- كثيراً ما تنخفض حصيلتها وتكون إيراداتها أقل من المتوقع نتيجة ما يواكب عملية حسابها وتحصيلها من صعوبة وتكاليف مرتفعة.
- يسود اليوم في معظم دول العالم عمليات الاحتيال الخاصة للتهرب منها بطرق مبتكرة ومعقدة تجعل تتبعها أمر في غاية الصعوبة رغم تشديد العقوبات بغية الحد من عمليات التهرب الضريبى.
- انعدام التنسيق بين الإدارات المختلفة.
- عدم وجود نظام تقييم ذات فعال ذو قابلية للتطبيق.
- بدأت تلوح في الأفق الحاجة الملحة لبرامج مراجعة تتحلى بالفعالية وتقوم على أساليب حديثة لتحليل المخاطر.
- بطء إجراءات السداد للمبالغ الزائدة عن الوعاء الضريبى.
ونظراً لتلك العقبات لجأت مصلحة الضرائب كتسهيل للممول وتشجيعاً له على أداء الضريبة وعدم إستخدام الطرق الملتوية للتهرب منها للطرق الإلكترونية الحديثة ومنها تقديم الإقرارات الضريبية إلكترونياً بإستخدام نظام التخزين السحابى
وذلك بغرض تحقيق الإمتيازات التالية:-
- تقديم خدمة فعالة حيث يمكن الدخول على النظام 24 ساعة يومياً ، 365 يوم سنوياً حيث يمكن للممول الدخول لسجله الضريبي عن طريق أجهزة حاسب آلى أو التليفونات محمولة.
- يمكن تقديم وملئ الإقرار الضريبي إلكترونياً عن طريق الويب.
- يمكن تخزين كافة المستندات مثل فواتير المشتريات والمبيعات الخاصة بالإقرار إلكترونياً عن طريق المساحة التخزينية على نظام السحابة الإلكترونية.
- توفير عدة تطبيقات تتبع أنظمة سهلة يمكن استخدامها لإدارة السجل الضريبي عن طريق الهواتف المحمولة.
ولابد لنا من التفكير لماذا قامت الحكومة بتطبيق ضريبة القيمة المضافة وما هي الحاجة الاقتصادية لتطبيقها:-
أكثر دوافع تطبيقها من حيث الأهمية هو الاشتراطات الموضوعة من جانب المقرضون وهم بصفة خاصة صندوق النقد الدولي والبنك الدولي. حيث اشترطت على الحكومة تطبيق ضريبة القيمة المضافة كشرط أساسي للموافقة على القروض.
أما على المستوى المحلى فهو الرغبة لزيادة إيرادات الاقتصاد الوطنى بما يساهم في تعظيم موارده وقدراته. كما أن عوائدها أكبر من باقى الأنواع الأخرى من الضرائب الغير مباشرة كما تتحلى بميزة أخرى كونها ضريبة على الاستهلاك وليس الدخل فإنه بمثابة تشجيع على الإستثمار والتوفير والإدخار.
ولابد لنا من دراسة كيفية توفير بيئة مواتية مشجعة لتطبيقها بشكل فعال, وقد قمنا وفقاً لدراسة وافية لدول متعددة عالمياً بإستخلاص أكثر الشروط الواجب تحقيقها من حيث الأهمية لإنجاح التطبيق النموذجي لضريبة القيمة المضافة وهي:-
- تحلى السلطات بالعزم والإرادة على التطبيق.
- تصميم جدول زمني جيد قابل للتطبيق.
- قانون ضريبة القيمة المضافة مصمم بصورة جيدة خالى من الثغرات قابل للتطبيق يمنح إعفاءات قليلة وحقيقية.
- توفير التدريب الجيد لموظفى الضرائب.
- إطلاق حملة توعية مجتمعية شاملة ومكثفة.
- وضع آلية سهلة للاسترداد.
- وضع نظام مراقبة مميكن واستحداث نظام للعقوبات يتحلى بالفعالية.
- وجود برنامج للمراجعة يتسم بالفاعلية.
- التعاون بين جميع الإدارات من خلال وضع رقم تعريفى لكل ممول.
- وجود إدارة مؤهلة بصورة مناسبة للتعامل مع الأعداد الكبيرة للممولين ودافعي الضرائب.
وحرصاً من الحكومة على تخفيف الأعباء عن كاهل مواطنيها قامت بإدخال تعديلات عليها وهذه التعديلات شملت إعفاءات للعديد من الأنشطة والخدمات وهى تشمل ما يلى:-
- عمليات نقل وبيع واستهلاك الطاقة الكهربية.
- جميع عمليات تنقية ونقل وتحلية المياه.
- الأوراق المستخدمة في الصحافة والمجلات والكتب والطباعة وكذلك الكراسات والكشاكيل والكتب.
- الشاي.
- السكر.
- منتجات الألبان.
- حضانات الأطفال.
- الأسماك.
- منتجات المناجم
- الأجهزة التعويضية نتيجة فقد أو عاهة.
- منتجات المطاحن وجميع المنتجات التي يدخل في تصنيع الدقيق مثل أنواع الخبز والمكرونة.
- الحيوانات.
- الطيور.
- منتجات المحاجر
- الأطراف الصناعية واللوازم الطبية لذوي الإحتياجات الخاصة.
وطبقاً للتعديلات السابق ذكرها توجد أيضاً جهات معفاة من ضريبة القيمة المضافة مثل:-
- جميع أعمال صندوق البريد.
- خدمات مالية غير بنكية تحت إشراف الهيئة العامة للرقابة المالية.
- أعمال التأجير التمويلى.
- جميع أعمال العملية التعليمية بمختلف مراحله وكذلك البحث العلمي والمراكز الثقافية.
- صيانة وإنشاء دور العبادة.
- خدمات أجهزة البث السمعي والبصري (الإذاعة والتلفزيون).
- أعمال المتاحف ودور النشر.
- أعمال المحفوظات والوثائق.
وهنا نتوقف لنتساءل ما الفرق بين ضريبة القيمة المضافة وضريبة المبيعات:
- الفرق الجوهري بين تلك الضريبة وبين الحالة الضريبة العامة على المبيعات هي إخضاع الأنشطة الإنتاجية والخدمية في كل مرحلة من مراحلها الإنتاجية للضريبة عكس ضريبة المبيعات والتي تفرض 10% ضريبة موحدة من قيمة السلعة أو الخدمة عن إكتمال إنتاجها.
- ضريبة القيمة المضافة تُفرض على السلع المُصدرة عكس ضريبة المبيعات التي لا يتم فرضها على الصادرات.
- تُفرض ضريبة القيمة المضافة على القيمة المضافة للسلع في مراحلها الإنتاجية المختلفة وكذلك الحال بالنسبة للمستورد او الموزع بينما تفرض ضريبة المبيعات على كامل السعر للسلعة المستوردة.
مما يعني وجود حاجة لعقد اتفاقيات ثنائية ودولية تمنع الإزدواج الضريبى إذ أنه من الممكن أن تفرض ضريبة القيمة المضافة على سلعة تم تصديرها من إحدى الدول التي تطبق نظام ضريبة القيمة المضافة إلى دولة أخرى تطبق نظام ضريبة المبيعات
ولحل تلك المشكلة التي تهدد حركة التبادل التجارى بين دول العالم
اصطلحت جميع بلاد العالم على قواعد محددة هي:-
- تُفرض على جميع السلع المستوردة مقابل قيمتها بالكامل عند البيع للمرة الأولى.
- يتم إعفاء جميع السلع المصدرة من ضريبة القيمة المضافة.
مثال توضيحي لكيفية حساب ضريبة القيمة المضافة والفرق بينها وبين ضريبة المبيعات:-
فيما يلى خطوات حساب ضريبة القيمة المضافة
قام أحد الأفراد بشراء سلعة بمبلغ 10000 جنيه تضاف لها نسبة 5% وتصبح قيمتها الإجمالية في فاتورة الشراء = 10000 + 500 = 100500 جنيه
قام هذا الشخص ببيع هذه السلعة بمبلغ 12000 جنيه فيضاف لها نسبة 5% وتصبح قيمتها الإجمالية في فاتورة الشراء = 12000 + 600 = 12600 جنيه
وبالتالي قام هذا الشخص بدفع مبلغ 5500 جنيه واخذ مبلغ 600 جنيه كقيمة مضافة ويتم في هذه الحالة خصم مبلغ 600 – 500= 100 جنيه يجب أن يتم سدادها.
أما في حالة ضريبة المبيعات
توجد فاتورة بمبلغ 2000 جنيه يستحق عليها ضرائب 14% بمبلغ 280 جنيه ولأنها فاتورة توريدات سيقوم العميل بخصم نسبة 1% (ضريبة خصم وإضافة) سيقوم بخصمها من مبلغ الفاتورة الأصلي وهو 2000 وليس إجمالي الفاتورة
حيث أنه طبقاً للقانون لا يتم فرض ضريبة على ضريبة
وفيما سبق عزيزى القارئ حرصت فى السياق على إدراج مثال توضيحي لطريقة حساب ضريبة القيمة المضافة ونظيرتها ضريبة المبيعات. ليتسنى لك معرفة الفرق في كيفية حسابها وأحاول جاهداً الرد من خلال هذا المقال على كل ما يودون معرفته أو الإجابة عما قد يجول بعقولهم من إستفسارات أو أسئلة.
وحرصت في الختام على إخراج مقال مفيد وشامل ذو لغة سهلة يسيرة خالية من التعقيد وأرجو من الله تعالى أن أكون قد وفقت في ذلك. عزيزى القارئ أرجو أن تشارك معنا برأيك وترسل تعليقاتك على مقالاتنا المتنوعة ورأيك فيها وتمدنا باقتراحاتك لتساعدنا لتقديم الأفضل والأحسن.